الخميس، 8 مايو 2014

كتابة - ابستراكت (2)

عند البعض .. الكاتب هو (الشيطان) بنفسه ..!
عند البعض هو نصف إله
..  او على اقل تقدير -ساحريصنع بالكلمات كما يفعل ساحر الفودو .. !

الان تختلف النظرة للكاتب طبقا للناظر اليه ..
ولكن ما يهم حقا .. كيف ينظر الكاتب الى نفسه ..!
هنا لا اتحدث عن الراوي ..  بل الكاتب ..  الذي يعجن بنفسه القصص .! يخبزها .. من قمح عقله الخاص ..
هل يرى انه - خالق- ؟ حيث يمكنه أن ينجز أشياءا من العدم ..؟  أم يرى أنه يوحى اليه ؟! أم يرى أنه لاشيء كهذا  .. أنه سولو..  يعبر بنفسه عن نفسه ؟  وأن لا شيء مما يفعل يستحق .. حتى أنه لا يستحق أن يُقرأ !
أو  أنه كاتب عدمي ..   يعدم أي كتابة له .. بكل هدوء .. بلا ندم ..!  حيث أنها لا تخصه بقدر ما تخصه لحظة الكتابة فقط .. ؟!..
..
أظن أن أي موقف يكون فيه الكاتب ..  هو موقف لا يشبه حالاته الاخرى .. لا يشبه حالته بعد ذلك ..  كالوقت الذي يتسرب عبرنا .. تاركا (الآن) و(ماسبق) و(ما سيحدث) ..  مجملا .. تاركا" لا شيء .. ف( الآن) سريع جدا ..  و( ماسبق) سبق وانتهى ..
..
ما يدهشني حقا .. هو ليست قدرة الكاتب على صنع قصص مذهلة .. بل قدرته المذهلة على خلق شخصيات ..!
بالمعنى التركيبي للخلق ..!
ما يدهش حقا .. هو " كيف؟  " كيف يقوم بعملية الخلق هذه ؟!
كيف يخرج شخصيات متكاملة الابعاد  ؟!  حيث أنك لو أغلفت الكتاب .. ثم سمعت جرس الباب .. يمكن ان تفتحه وتجد ( آسيا قازانجي) مثلا .. بكل صخبها وغجريتها .. ويمكنها ببساطة أن تجلس عند اقرب كرسي وتبدأ بشتيمة كل شيء..  كل شيء ..  ابتداءا بالملصقات على جدارك وحتى ذوقك السيء في اختيار الاغنيات التي كنت تسمعها أثناء قراءتك للرواية !
بل أسوأ  من ذلك .. من المحتمل أن تشاركك يومك بالحاح غريب ! وفي نهاية اليوم .. تجد أنك اصبحت تسمع الكثير ل (جوني  كاش ) ..! وانك الآن تنظر للاشياء بعينيها .. عيني (آسيا) المتمردتين ..!
هذا ما يجعل القراءة ممتعه بشكل لايصدق ..
وكلما زادت دقة الشخصيات .. زادت عدد مرات زيارتها لك ..
دائما أتخيل أصحاب الأكشاك المليئة بالكتب أو الفراشة ..  أكثر البشر حظا .. !
خاصة ان كان يدرك أن الكتب المرصوصة أمامه .. تتحرك حقا ! أن لها حياتها الخاصه ..! ليست بذات 
التهذيب والترتيب على الرف 
على أقل تقدير .. وفي لحظات الحروالملل يمكن أن يمد يده ويلتقط كتابا ..
ثم وفي أقل من ثلاث دقائق ..  يكون قد انتقل من كشكه الصغير الى صوت في ذهن راوي .. في قصه ..!
في مكان ما ..!
ثم كتاب آخر .. وحياة أخرى .. و .. هكذا ..!
سكر لا ينتهي ..! 

...
يتبع
..
..
* (آسيا قازانجي) من رواية (لقيطة استطانبول) لـ(ايليف شفاق) ..!



هناك تعليق واحد:

  1. دائما عندما أقرأ لكاتب متمرس .. أتساءل إن كنت أستطيع كتابة شيء كما كتب ؟.. فأنا أعرف كل الكلمات التي استخدمها .. و كيف لم أفكر في الموضوع كما فكر ؟.. يبدو لي بعضهم - كما وصفتِ - سحرة و يستخدمون الشياطين لتعينهم في نظم الكلمات و نبش الأفكار من قبور النسيان ...
    رائع ما كتبتِ .. و لك التحية ... :)

    ردحذف