الثلاثاء، 30 يونيو 2015

نوبه ...!

لابد أن لي جدا نوبيا يتحرق في جسدي ..! ولا أعلم عنه شيئا ..
منذ أول لحن نوبي أنا مفتونه بالموسيقى ..
وماقبل ذلك أنا مفتونه بالنوبة .. بتلك البلاد كلها ..!صحراءها وديانها واحاتها ..نخيلها ..كل شيء..
أدمت قدما رأسي وأنا أبحث لي عن جد أو جدة .. هاجرت بعد السد الى بلد جدي /جدتي ..
ولم أجد ..!
في عام تخرجي اخترت أن اصمم متحفا نوبيا في أقصى شمال السودان .. لم أكن أعرف حينها الكثير عن النوبة ...قليل من اغنيات وردي والبلابل والافتتان قصص التاريخ و هوس قديم بالوانهم ..! (مهووسة أنا بالنوبة والطوارق ) ..!
ثم بدأ الجلوس مع (قوقل) ..لكنه لم يخبرني كثيرا .. سوى خطوط ما ..
وهكذا تتبعت الخطوط الى ان اوصلتني الى المثلثات والدوائر واللون الابيض والترابي والطين . .والبرتقالي .. و .. عالم من النقوش ..!
ومن مثلث واحد بنيت متحفي ..!
مثلثات بقواعد مربعه أهرامات صغيرة غير متساوية تميل كلها على بعضها .. دوائر لا تنتهي الى مركزها.. بل تتمرد خطوطا عرجاء طويله .. تنتهي فجأة أو تتحول الا مثلث ما .. المثلث نفسه لا ينغلق على نفسه ..بل يتفكك أكثر من
ثلاث زوايا ..! لقد بعثرت كل شيء .. ولكنه ظل نوبيا ..
بالفتحات المثلثه المتراصه على السقف تدخل الوانا زرقاء وصفراء ..تتشابك على صالة العرض لتعكس لونا هائجا .. يجعل المعروضات كأنها تحيا ..!
كنت أحاول أن أتخيل نوبيا يدخل الى المتحف ليىرى أجداده تاريخه معلقا أمامه ..
ولكني لم أعرف ..! لم أنل حكمة واحده ..
ربما لو كنت أعرف -حينها- موسيقى (حمزة علاء الدين) لصنعت متحفا من الرطانة نفسها .. من اللغة ..!
لو كنت قرأت (دنقلا) ل.أدريس علي .. لدهنت كل الحوائط برسومات بالجير الابيض ..!
..
الأبيض الذي أربكني يوما .. قبل خمسة أيام من تسليم المشروع .. تخيلت المتحف الذي ساهرت فيه طويلا .. محاولة الصاق الورق بالكارتون وفوضى الصمغ والالوان .. وكل شيء.. حيث كانت غرفتي مجزرة - كغرفة أي معماري في السنة الاخيرة - على كل حال ..
تخيلت كل شيء أبيض ..!
الشجر /النجيلة /حوائط المتحف/ .. الارضيات/ السلالم/ السقوف ..كل شيء ..كل شيء أبيض تماما ..
وفي لحظة لذيذة قمت بسكب الابيض في ال(موديل) .. صبغته بالابيض ..!
اخترت لون أكريليك ثقيل القوام ..كان كالجير ..بلا لمعه ولكن بشيء من الثبات ..!
مدى لي مشروعي حينها مجازفة او حماقة كبرى ..
ولكني لم أغير شيئا ..
كان علي بعدها أن أفسر جنوني هذا لمجموعه من الاساتذه ..
وبالفعل - لم استطع أن اخبرهم انني لو كنت أعرف موسيقى (حمزة علاء الدين) لصنعت متحفا من الرطانة نفسها .. من اللغة ..!
!..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق